نبذه عن صناعة الأسمنت فى مصر
بقلم الاستاذ/ حاتم خليل
تعتبر صناعة الأسمنت من الصناعات الأساسية و الأستراتيجية فهى لازمة للبناء و التشييد و هو أمر لا غنى للإنسان عنه فى كل الأزمان ولا تكاد تخلو دولة الأن من وجود هذه الصناعة على أرضها.
و لقد كانت مصر سباقه إلى إقامة هذه الصناعه حيث أقيم أول مصنع على أرضها عام 1911 بمنطقة المعصرة قرب مدينة حلوان و أستمر المصنع فى العمل لعدة سنوات حيث أغلق.
بدأت مصر بعد ذلك إنشاء شركات مساهمة لإنشاء مصانع للأسمنت حيث أسست أول شركة و هى شركة أسمنت بورتلاند طره عام 1927 تلتها شركة أسمنت بورتلاند بحلوان عام 1929 ثم الأسكندرية للأسمنت بمنطقة المكس عام 1949 ثم القومية لإنتاج الأسمنت عام 1956 و ظل الحال على ذلك لمدة عشرين عاماٌ حيث بدأ تأسيس شركة السويس للأسمنت فى نهاية عام 1976 توالى بعدها إنشاء شركات أخرى و يبلغ عدد الشركات المنتجة فى مصر الأن 23 شركة تملك بعضها أكثر من فرن. و تتناثر مواقع الشركات الأن فى مختلف أنحاء القطر المصرى شمالاٌ و جنوباُ و غرباً و شرقاُ.
و فيما يتعلق بملكية الشركات الأن نجد أن 20 شركة منها تابعة للقطاع الخاص و ثلاث شركات تابعة للقطاع العام.
و كما هو معروف فإن مصر تنتج الأسمنت الرمادى بأنواعه المختلفة (عادى و مقاوم للكبريتات و حديدى، إلخ....) كما تنتج الأسمنت الأبيض، و يتمتع الأسمنت المصرى بسمعة طيبة لجودته و إلتزامه بالمواصفات العالمية.
أتبعت مصر فى البداية صناعة الأسمنت بالطريقة الرطبة ثم تحولت من عام 1980 إلى الطريقة الجافة و هى الأحدث تكنولوجياً و الأقل إستهلاكاً للوقود و أتخذت عدة إجراءات للحد من الإنبعاثات و التوافق مع قوانين البيئة.
و قد كان طبيعياً أن يتزايد الإنتاج تباعاٌ بمرور السنوات ففى الوقت الذى بلغ الإنتاج عام 1940 حوالى 400 ألف طن ارتفع عام 1976 إلى 3.6 مليون طن ثم زاد عام 2000 إلى 24 مليون طن و قد بلغ الإنتاج عام 2012 كمية 53 مليون طن أسمنت رمادى و مليون طن أسمنت أبيض.
و جدير بالذكر أن الطاقة التصميمية الإنتاجية الحالية لمصانع الأسمنت جميعها تصل إلى حوالى 63 مليون طن.
بالنسبة للإستهلاك فيمكن القول عموماً أن الإنتاج كان يغطيه فى معظم سنوات القرن الماضى إلا فى الفترات التى لجأنا فيها إلى الإستيراد لعدم كفاية الإنتاج المحلى.
و يهمنا أن نشير إلى فترتين زمنيتين بلغ الإستيراد كميات كبيرة:
- الأولى من 1976 حتى 1995 حيث وصل الإستيراد فى معدل السنوات إلى 50% من الإستهلاك.
- الثانية من 1996 حتى 2000.
و بالمقابل كان يتم تصدير كميات محدودة من الأسمنت إلى دول عديدة بعضها بلدان عربية و أخرى أوروبية بل وصل الأسمنت المصرى فى بعض الأوقات إلى الأمريكتين. نجد أن ذروة التصدير كانت فى الأعوام 2002 حتى 2008 و بلغ ما تم تصديره عام 2004 وحده إلى 12.3 مليون طن و هو رقم قياسى. |
|
و فيما يتعلق بتسويق الأسمنت فقد انشأ عام 1932 مكتب الأسمنت الذى يتولى بيع إنتاج الشركتين القائمتين (طره و حلوان) ثم تغير اسمه عام 1958 إلى مكتب بيع الأسمنت المصرى و انضمت إليه شركتى الأسكندرية و القومية و عهد إليه وحده تسويق إنتاج الشركات الأربع المؤسسة له و القيام بأعمال التصدير و الإستيراد إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
و فى عام 1991 مع بدأ سياسة الإصلاح الإقتصادى و السوق الحرة الغى مكتب البيع و تولت كل شركة تسويق إنتاجها بمعرفتها و بإستقلالها عن الشركات الأخرى و كان الغرض وقتئذ إزكاء روح المنافسة بين الشركات المنتجة و إلغاء إحتكار جهة واحدة تسويق السلعة التى كانت تحدد اسعارها جبرياً بقرارات حكومية.
إذا انتقلنا إلى الحديث عن وسائل نقل الأسمنت فنلاحظ انها تعتمد اساساً على النقل البرى و نسبة بسيطة بالسكك الحديدية و تم التخلى تماماً عن النقل النهرى الذى كان يمثل 12% من طرق نقل الأسمنت عام 1960.
و يتم تسويق حوالى 85% من الأسمنت معبأ فى اكياس و الباقى يتم تسليمه سائباً.
و قد ارتفعت نسبة الأسمنت السايب بعد إنتشار خلط الخرسانة و فكرة الخرسانات الجاهزة و بدأ عدد من الشركات المنتجة فى تملك محطات للخرسانة الجاهزة و هو امر لم يكن موجوداً حتى بدايات عام 2000.
إذا ما استعرضنا تطور ملكية شركات الأسمنت نجد أنها قد بدأت تابعة للقطاع الخاص ثم خضعت للتأميم عام 1961 بتطبيق القوانين الإشتراكية ثم انشئت شركات اخرى تابعة للقطاع العام (بنى سويف – اسيوط – العامرية) فيما عدا شركة السويس التى انشئت تابعة لقانون الإستثمار و اعتبرت شركة قطاع خاص رغم تملك معظم اسهمها لشركات أسمنت و بنوك و شركات تأمين تابعة للقطاع العام.
وعندما تبنت الحكومة فى نهاية التسعينات و بداية عام 2000 و ما بعده سياسة الخصخصة تملكت عدد من الشركات العالمية عدداً من الشركات المحلية (سيمكس – لافارج – تيتان – سيمبور – إيتال سيمنت – إلخ).
مازالت مصر بحاجة إلى مزيد من إنتاج الأسمنت لمواجهة متطلبات التعمير و التشييد و إقامة البنية الأساسية و المشروعات الكبرى و لمواجهة الزيادة العالية فى عدد السكان و مازالت الشركات على قدرة من أن تزيد إنتاجها الحالى البالغ 53 مليون طن رمادى.
و نأمل أن يتم التغلب على كل الظروف و المعوقات و التحديات التى أثرت على مسيرة الإنتاج فى العامين الماضيين و المعروفة للجميع لتساهم هذه الصناعة الهامة فى خدمة أغراض التنمية لبلدنا العريق.
و من الله التوفيق و به نستعين.
السيرة الذاتية للاستاذ/ حاتم خليل
|
أضف تعليق